02 - 05 - 2025

ضوء | مجالسنا

ضوء | مجالسنا

منذ قديم الزمان ومنذ مئات السنين، كانت المجالس الأهلية مفتوحة أمام الكبير والصغير، لمناقشة كل ما يهم الناس، وكان الحكم يشجع على مثل هذه المجالس، لأنها تعبر عن هموم الناس، ومن خلالها يستطيع صاحب القرار أن يقرأ أحوال الناس ويستشف ميولهم وآرائهم، ولم يحدث في أي مرحلة من تاريخ البحرين أن صدر قرار بمنع تداول قضايا الشأن العام في تلك المجالس، كما أن كل الأعراف والقوانين الدولية توكّد على حرية الرأي للأفراد، وكذلك جميع الدساتير وعلى رأسها دستورنا الذي يكفل حرية التعبير،  ولا يمكن أن يصدر قرار بمنع المجالس الأهلية من التحدث في الشأن العام، بل نرى أنه من الضروري التراجع عن قرار منع الأندية الرياضية التداول في الشؤون الثقافية والسياسية، بعد أن كانت الأندية لها شنّة ورنّة، أندية لها تاريخ عريق مثل البحرين والحالة والنجمة وسترة وغيرها العشرات.

ذلك لأن كل شيء له علاقة بالسياسة، حتى لقمة العيش.

إن التغييرات المتسارعة في الأوضاع الإقليمية والدولية تحتم على الناس مناقشة ظروفها الحالية وتوقعاتها المستقبلية، لأن كل تغيير  يمسّ حياتهم ووجودهم، لذلك نرى من الصعب أن يصدر مثل ذلك القرار، لأنه يعتبر قرارا غير منطقي وغير سليم.

ماذا يعني منع التحدث في الثقافة والسياسة في المجالس الأهلية؟

هل يعني أن على الشعب ألا يناقش وألا يفكر وألا يجادل ؟

هل يعني أن يصبح الشعب مجرد ورقة انتخابية في مهب الريح ؟

الشعب البحريني الذي كان يعتبر من أكثر الشعوب وعياً، هل يريدون أن يكون جُل اهتمامه حفلات الغناء والطرب والسباقات والرياضة والمعارض والتسوق وحب التمظهر والمظاهر والتفاهة؟

هل ممنوع مناقشة الأمور الجادة كالفساد والتجنيس والفقر والتطبيع والتقاعد والخصخصة أو حتى أكياس القمامة؟

الشعب البحريني الذي كان يوماً يقود الأحداث التاريخية لا يمكن أن يُقاد بلا عقل لقدره المحتوم.

إن قوة أي نظام وأية دولة في قوة شعبها، ولن تجدي كل الأساليب التي تم اتباعها من أجل سحب مكامن القوة من  الشعب، مثل اتباع سياسة فرق تسد، أو اتباع سياسة التجنيس وجلب المستوطنين من كل بقاع الدنيا، وتفقير المواطن وجعل همه في أن يلهث خلف لقمة يومه لا غير .. لا وظائف لا بيوت اسكان لا كرامة، يصل الشاب إلى سن الثلاثين وهو يحلم بالزواج وتأسيس أسرة بعد أن كان الشاب في جيلنا يتزوج في العشرين.

والآن حتى التعقل والتفكر والتدبر صار من المحرمات!

هل  تستحق منا البحرين أن نقتل بريق الشمس في عينيها؟ وهل يستحق شعب البحرين كل هذه المحرمات؟
-------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | فلسطين ما العمل؟